الجمعة، 30 نوفمبر 2018

قطيع إرشميدس



 في 1773 اكتشف الروائى الألمانى جوتهولد افرايم ليسنج Gotthold Ephraim Lessing مخطوطة يونانية في مكتبة بمدينة فولفنبوتل Wolfenbüttel والتى ادعى أن أرشميدس Archimedes  (287-212 ق.م) كتبها، والتى أهداها إلى إراتوستنيسEratosthenes  وكانت بعنوان " مشكلة الماشية" وتم نشرها عام 1882،جاء بها مسألة فى غاية التعقيد:

احسب ، يا صديقى ، عدد مواشي إله الشمس هليوس التي ترعى في حقول جزيرة ثريناكيان Thrinacian في سهول صقلية، مقسمة حسب اللون إلى أربعة قطعان، واحدة بيضاء اللون، واحدة سوداء، واحدة منقطة وأخرى صفراء، بحيث أن عدد الثيران أكبر من عدد الأبقار، وكانت العلاقات بينهما كما يلي:
هل تستطيع يا صديقى أن تعرف عدد كل نوع من الثيران والأبقار فى كل لون من الألوان الأربعة ؟ وإذا كنت ذو مهارة عالية، فكم عددها بحيث يكون:
                    الثيران البيضاء + الثيران السوداء   = عدد مربع
الثيران المنقطة + الثيران الصفراء  = عدد مثلثى
أصغر عدد تم التوصل إليه لحل المسألة هو:
اللون
عدد الثيران
عدد البقر
المجموع
أبيض
10.366.482
7.206.360
17.572.842
أسود
7.460.514
4.893.246
12.353.760
المنقط
7.358.060
3.515.820
10.873.880
الأصفر
4.149.387
5.493.213
9.588.600
المجموع الكلى
50.389.082

أما الجزء الثانى من المسألة فقد عقد أرشميدس المشكلة بأن وضع شرطين لحلها، ولم يجد أرشميدس حلا للمسألة مع هذين الشرطين، ولم يصل أحد إلى حل لها سوى بعد 2.000 سنة، وكان ذلك عام 1880 حيث توصل عالم الرياضيات الألمانى أمتور Amthor A.  إلى أول حل لها، حيث وجد أن عدد الأبقار التى تعيش على الجزيرة سوف يتزايد لدرجة أنها سترتفع إلى النجوم، حيث بلغ إجمالى عددها بعدد يبدأ بـ 7.760.271.406 وينتهى بـ 9.455.0818.800 وبينهما يوجد 206.525 رقما، أى أن عدد القطيع مكون من 206.545 رقما، وأنه لكتابة عدد القطيع يحتاج لكتاب ذو 744 صفحة.
7.760271406486818269530232833213886664232322405923376…719455081800
وفي عام 1931 كتب أحد مراسلي النيويورك تايمز: "إن حل مشكلة أرشميدس يحتاج لعمل ألف رجل لمدة ألف عام لتحديد العدد الكامل الدقيق للقطيع، فمن الواضح أن العالم لن يجد حلا كاملا.
ومع ظهور الحاسبات العملاقة عام 1965 تمكن العلماء الثلاثة
ويليامزH.C. Williams  وجرمان R.A. German وزرنكه .R. Zarnke من حل المسألة بعد عمل 7 ساعات و 49 دقيقة على الكمبيوتر، والذى طبع فى 46 صفحة.
وفي عام 1981 تمكن هارى نلسون Harry Nelson بإستخدام حاسب CRAY 1  الأكثر قوة وبعد عمل 10 دقائق من إيجاد حل دقيق للمسألة لأصغر عدد للقطيع:
 X 7.7602714064868182695302328332138866642323224059233761031506220654410




الخميس، 29 نوفمبر 2018

الخاتم السحرى



فى كتاب صدر عام 1932 للألمانى المار كوتشكه Elmar Kutschke نجد أن سنوري سترلسون Snorri Sturluson 1241-1179 )  ذكر فى قصته إدا Edda والتى كتبها فيما بين (1222-1230) أن الأب أودين يضع فى إصبعه خاتما سحريا، حيث كان الخاتم يتضاعف إلى تسعة أمثاله بإستمرار خلال زمن معين.

فإذا تخيلنا أن هذا الخاتم بعد تسعة أيام سوف يصبح تسعة خواتم، وسيصبح بعد ثمانية عشر يوما 81 خاتما، وإذا كان سمك الخاتم وهو موضوع على منضدة يساوى 1 مليمتر، فهل تعلم كم يصل إرتفاع الخاتم بعد تسعة أشهر، أى بعد 270 يوما؟
من الصعب بمكان تخيل إرتفاع هذه الخواتم، ففى اليوم الثامن عشر سوف يكون هناك 81 خاتما بإرتفاع 8 سنتيمتر، وسيصبح إرتفاعها فى اليوم السابع والعشرين 75 سنتيمتر، وفى اليوم السادس والثلاثين سيصل إرتفاعها إلى سقف الغرفة، وهكذا يتزايد إرتفاعها كل تسعة أيام.
فمثلا فى اليوم الرابع والخمسين سوف يصل إرتفاع الخواتم ليفوق أعلى ناطحة سحاب، وفى اليوم الواحد والثمانين سوف يقترب إرتفاعها إلى الطبقة العليا لحود طبقة الإستراتوسفير، وبعد إسبوعين ونصف بعدها سيصل إرتفاعها إلى محيط الكرة الأرضية. ثم فى اليوم الـ :
135             سيصل إرتفاعها إلى الشمس
189             سيصل إرتفاعها إلى نجم الشعرى
216             سيصل إرتفاعها إلى سحب ماجلان، وهى النظام الشمسى التالى خارج المجرة
270             سيصل إرتفاعها إلى آخر ما تم إستكشافه من الفضاء السحيق الذى يصل ضوءه إلينا بعد خمس مليارات سنة ضوئية
وإفترض أحد العلماء أن الخاتم السحرى يتضاعف إلى تسعة أمثاله خلال ثانية واحدة، فهل تعلم الوقت المطلوب حتى يكون لدينا عدد من الخواتم يساوى (99)9؟
توصل العالم أن عدد الخواتم سوف يكون 9 387.420.489  بعد 12 سنة و 100 يوم.

مكافأة



عثر على هذه المسألة فى أحد المكتبات الخاصة بإنجلترا وكانت مكتوبة بخط اليد باللغة الاتينية، وترجع إلى عدة قرون سابقة، تقول المسألة:
عاد قائد الجيش تيرنتيوس Terentius إلى الوطن بعد أن خاض عدة معارك عنيفة تمكن فيها من تحقيق إنتصارات ساحقة والحصول على مغانم جديدة للإمبراطورية الرومانية. وما أن وصل القائد إلى روما كان عليه مقابلة القيصر، والذى رحب به شاكرا له مجهوداته الفائقة التى أدت إلى زيادة رقعهة الإمبراطورية، وأعلن القيصر بتعيينه فى مجلس الشيوخ مكافأة له، إلا أن تيرنتيوس لم يكن راغبا فى ذلك، فقال للقيصر:
" لقد خضت العديد من المعارك وإنتصرت فيها، والتى أدت إلى تقوية الإمبراطورية وزيادة مساحتها، وإلى رفع اسم سموكم عاليا فى كل مكان، إننى لم أهب الموت ولو كانت لى أكثر من حياة لضحيت بها، إننى أصبحت متعبا من كثرة خوض المعارك، لقد ولى الشباب منى وأصبح الدم يجرى فى عروقى ببطء، لقد أتى الوقت الذى يجب أن أستريح فيه فى بيت أجدادى محاولا بث الحياة فى نفسى".
فقال له القيصر:" ما الذى تريده منى يا تيرنتيوس؟
رد عليه قائلا :" سيدى إننى خلال سنوات الحروب الطويلة والتى لم يفارق فيها سيفى من يدى لم أضع فى حسابى أن أؤمن مستقبلى ماديا، سيدى ... إننى الآن فقير فإن أردتم مساعدتى أرجو أن تتركونى أعيش بقية حياتى هادئا، إننى لا أطمع فى مناصب عالية، وإنما أريد أن أعيش فى أمان وراحة، سيدى ... أرجوك مساعدتى بإعطائى مكافأة مالية أؤمن بها حياتى الباقية؟.
كان القيصر يملك مالا وفيرا لكنه كان بخيلا، لا يحب أن يوزع منه شيئا على الآخرين، لكن رجاء القائد جعله يفكر بعض الشئ، ثم قال له:
" ما هو المبلغ الذى ترونه مناسبا وكافيا لك يا تيرنتيوس؟
" سيدى يكفينى مليون دينار".
صدم القيصر بحجم المبلغ، فأخذ يفكر ثم قال له:
" لقد كنت بطلا شجاعا ويجب مكافأتك على أعمالك العديدة التى أدت إلى توسيع الإمبراطورية، وسوف أجعلك غنيا، لذلك أرجوك الحضور غدا على الغذاء لأخبرك برأيى الأخير".
فى اليوم التالى وفى الميعاد المحدد حضر قائد الجيش إلى القصر وقال للقيصر:
" سيدى ... لقد حضرت لأسمع رأيكم بعد أن وعدتنى بإعطائى مكافأة".
قال القيصر: " إننى أرى أنه لا يمكن مكافأة بطل شجعا مثلك على ما قدمته للإمبراطورية من خدمات بمكافأة ضئيلة، إن فى خزانة الإمبراطورية عشرة ملايين من الأسات النحاسية ( الدينار = 10 أس) وأرجو منك أن تنتبه لما أقوله لك، إذهب إلى بيت الخزانة وخذ أسا فى يدك وأحضر إلى هنا وضع الأس فى هذه الخزينة، وفى اليوم التالى إذهب ثانية وخذ 2 أس وأحضره لتضعه بجانب الأس الأول، وفى اليوم الثالث خذ 4 أس وضعه معهم، وهكذا فى كل يوم تأخذ ضعف ما أخذته فى اليوم السابق، ولقد أصدرت الأمر لبيت الخزانة بأن يجهزوا النقود المطلوبة كل يوم، ويمكن لك أن تأخذ كل ما تقدر على حمله من نقود بشرط ألا يساعدك أحد، وعندما تشعر بأنك لن تستطيع حمل النقود فعليك بالتوقف، ويكون الإتفاق بيننا أن النقود التى أخذتها من بيت الخزانة تكون لك، وتكون هى مكافأتك".
هنا فكر تيرنتيوس قليلا وأخذ يحلم فى إمكانية جمع ثروة ضخمة تفوق ما طلبه من القيصر، فقام بشكره وانصرف إلى بيت الخزانة الذى لا يبعد كثيرا عن القصر ليقوم بأخذ النقود النحاسية.
فى أول يوم أخذ أسا واحدا، وهى عملة صغيرة قطرها 21 مليمتر، ووزنها خمسة جرامات، وكانت النقود خفيفة فى اليوم الثانى والثالث والرابع والخامس والسادس، حيث أخذ الضعف ثم أربعة أمثال، ثم ثمانية أمثال، ثم 16 مثلا، ثم 32 مثلا.
عملة الآس الرومانية
فى اليوم السابع كان وزن النقود 320 جراما، وعرضها 8.5 سنتيمتر، أو بالضبط 84 مليمتر. وفى اليوم الثامن حصل تيرنتيوس على 128 آسا تزن 640 جراما، وعرضها 10.5 سنتيمتر، وفى اليوم التاسع أحضر إلى القصر 256 آسا تزن 1.25 كيلوجراما، وعرضها 13 سنتيمتر.
وفى اليوم الثانى عشر أحضر تيرنتيوس 2048، ووصل عرض النقود 27 سنتيمتر وبلغ وزنها 10.25 كيلوجراما، وأصبح مجموع ما قام بإحضاره من بيت الخزانة حتى هذا اليوم 4.095 آسا.
فى اليوم الثالث عشر أحضر تيرنتيوس 4.096 آسا، وكان عرضها 34 سنتيمتر، ووزنها 20.5 كيلوجراما، وفى اليوم التالى حمل نقودا وزنها 41 كيلوجراما، عرضها 42 سنتيمتر، فسأله القيصر:
" ألم تتعب أيها البطل الشجاع؟."
فرد عليه بالنفى وهو يمسح العرق من على جبينه.
فى اليوم التالى أخذ تيرنتيوس يترنح فى الطريق وهو يحمل على ظهره النقود التى كان عددها 32.768 آسا، وبلغ وزنها 164 كيلوجراما، وعرضها 67 سنتيمتر.
وعندما وصل تيرنتيوس فى اليوم التالى وهو السابع عشر إلى القصر وشاهده القيصر أخذ الكل يضحك بشدة، حيث لم يعد فى إستطاعة البطل حمل النقود على ظهره، فهداه تفكيره إلى وضعها فى برميل ويدفعه على الأرض، مما أثار إستغراب الجميع، وقد حوى البرميل فى هذه المرة على 65.536 آسا، كان وزنها 328 كيلوجراما، وعرضها 84 سنتيمتر.
كان اليوم الثامن عشر هو اليوم الأخير الذى يذهب فيه إلى بيت الخزانة، حيث أخذ 131.072 آسا، بلغ وزنها 655 كيلوجراما، وزاد عرضها على المتر، وقام بدفع البرميل بكل قواه، ولما وصل إلى القصر قال للقيصر:
" إن هذا يكفى، فلم أعد قادرا على إحضار النقود."
هنا إبتسم القثصر البخيل على حسن فكرته، وأمر حارس بيت الخزانة بأن يحسب مقدار المكافأة التى حصل عليها تيرنتيوس، وكم كانت نسبتها إلى المليون دينار التى طلبها فى البداية.
وبلغ مجموع ما حصل عليه تيرنتيوس 262.143 آسا، ولأن الدينار يعادل 10 آسات، فقد حصل تيرنتيوس على مكافأة أقل 38 مرة مما طلبه.

جوز الهند والقرد



فى العدد الصادر من الجريدة الأمريكية The Saturday Evening Post بتاريخ 9 أكتوبر عام 1926 نشرت قصة قصيرة بعنوان جوز الهند كتبها الروائى بن أمس ويليامز Ben  Ames Williams (1889-1953) جاء بها:
أراد مقاول بناء أن يمنع منافس له من الدخول فى مناقصة أراد الفوز بها، فإتفق لدى موظف لدى منافسه أن يفوت الفرصة على رئيسه لمنعه من الدخول فى المناقصة، ولأن الموظف كان من المشغوفين بالمسائل الرياضية فقد قام بوضع مسألة وعرضها على موظفى الشركة للقيام بحلها، فوصلت المسألة إلى رئيس الشركة الذى إهتم بها محاولا العثور على حل لها، لدرجة أنه نسى ميعاد الدخول فى المناقصة، مما أدى إلى ضياع العملية منه.
كانت المسألة التى وضعها الموظف هى:
كان خمسة من البحاره يركبون مركبا ومعهم قرد، وبينما هم فى عرض البحر حدث حادث للمركب أدى إلى غرقه، فأخذوا يسبحون إلى أن وصلوا إلى جزيرة مهجورة وهم فى حالة من الإعياء الشديد، فقرروا أن يقضوا بقية اليوم فى البحث عن مواد غذائية على الجزيرة، حتى يأمنوا حياتهم من الموت جوعا، فوجدوا أنه لا توجد ثمار على الجزيرة المهجورة سوى ثمار جوز الهند، فقاموا بجمع كمية كبيرة، ونظرا للإرهاق الشديد الذى عانوه طيلة اليوم قرروا تقسيم الثمار بينهم فى صباح اليوم التالى، ثم ذهبوا إلى النوم.
وبينما كان الكل نيام إستيقظ أحدهم وجال بخاطره انه قد يكون هناك خلاف حول تقسيم جوز الهند في الصباح، أو حدوث أى شئ قد يغير من الظروف المحيطة بهم، فطرأت له فكرة تقسيم جوز الهند إلى خمسة أكوام، وحصل على نصيبه وخبأه فى مكان أمن وعندما قسمها إلى خمسة أكوام تبقت ثمرة جوز هنا فقام بإعطائها للقرد، ثم أعاد الأكوام مرة ثانية إلى كوم واحد.
نفس الفكرة أتت للشخص الثانى فقام بتقسيمها إلى خمسة أكوام، ووجد أن ثمرة جوز واحدة تبقت بعد القسمة فقام بإلقائها القرد، وقام بتخبئة نصيبه فى مكان أمين.
هكذا قام كل واحد من البحارة الخمسة بنفس الشئ، أى بتقسيم ثمار جوز الهند إلى خمسة أكوام، والإحتفاظ بكوم له، وبأنه فى نهاية كل قسمة تتبقى ثمرة جوز هند واحدة فيتم إعطاؤها للقرد.
فى الصباح إستيقظ البحارة الخمسة وقاموا بتقسيم الكمية الباقية من ثمار جوز الهند، بعد أن لاحظ كل واحد منهم أن الكمية المتبقية قليلة عما كانت بالأمس، لكن لأن كل واحد منهم أخذ جزءا منها فلم يتحدث أى منهم عن نقص الكمية، وعندما فرغوا من التقسيم لم يتبق شئ.
كم كان عدد ثمار جوز الهند الذى تم جمعه من على الجزيرة المهجورة؟
بعد نشر القصة فى الجريدة والتى لم تذكر حلا للمسألة توالت الرسائل على الجريدة بحلها، لدرجة أنه فى الإسبوع الأول من نشر القصة وصلت إلى دار النشر 2.000 رسالة، فقام رئيس التحرير بإرسال برقية إلى بن ويليامز يسأله عن عدد ثمار جوز الهند، ولقد أخذت هذه المسألة إهتماما كبيرا إستمر لمدة 20 سنة للبحث عن حلول أخرى.
ويقال أن هذه القصة مأخوذة من قصة قديمة تختلف بعض الشئ عنها، وهى أنه عندما إستيقظ الخمسة قاموا بتوزيع ثمار جوز الهند إلى خمسة أكوام فتبقت ثمرة واحدة قاموا بإعطائها للقرد، فهل تعرف كم كانت كمية جوز الهند التى جمعوها.
هذه المسألة تعتبر من المسائل المعقدة رياضيا والتى يتم إستخدام المعادلات الديفونتيه فى حلها، وهى المعادلات التى قام بدراستها لأول مرة  العالم اليوناني ديوفانتوس والذي عاش في القرن الثالث قبل الميلاد في الإسكندرية.
وحل مسألة بن ويليامز أن عدد ثمار جوز الهند الذى تم جمعه هو : 3121 والتى تعادل : 5^5 – 4 = 3121.
أما المسألة القديمة التى إقتبس بن ويليامز قصته منها فحلها هو : 15621.

من التاريخ اليهودى



ألف المؤرخ اليهودى المولود فى فلسطين يوسف بن ماتيتياهو Yosef ben Matityahu (37-100م) كتابا باليونانية عام 78 م بعنوان حرب اليهود De Bello Judaico فى سبعة أجزاء، أرخ فيه ثورة اليهود ضد الحكم الرومانى خلال حكم نيرون والتى شارك فيها.

قص يوسف قصته التى يمكن أن نستخلص منها مسألة رياضية.
"عندما انتهى تمرد اليهود عام 67 م بعد كثافة الهجوم الروماني على القوات اليهودية، قرر يوسف الاستسلام وفتح أبواب المدينة أمام الجنود الرومان، وهرب يوسف ورجاله وعددهم واحدا وأربعون رجلا واختبؤوا في مغارة، لكن الرومان عثروا عليهم بعد فترة قليلة، فقرروا عدم البقاء على الحياة بعد هذا الحادث الأليم الذى راح ضحيته الأقارب والأصدقاء، بأن يقتلوا أنفسهم بأنفسهم فى وقت واحد،حتي لا يسقطوا في يد الجنود الرومان، لكن يوسف لم يرغب الموت هو وصديق له، فإقترح عليهم أن يقفوا فى صف واحد ثم يقومون بالعد من واحد إلى ثلاثة، وكل من يأتى عليه الرقم ثلاثة يقوم بقتل نفسه فى الحال أمام الآخرين، ثم يبدأ العد مرة ثانية من عند الشخص الذى يتلوه وهكذا إلى أن يموتوا جميعا.
وضع يوسف نفسه وصديقه فى مكانين مختلفين فى الصف بحيث بعد عمليات العد المستمرة تبقى كلا منهما على قيد الحياة، بينما مات الأخرون. وندم الاثنان على فكرة الإنتحار وسلما نفسيهما للرومان. وبسبب هذا القرار وتعاون يوسفوس مع الرومان بعد استسلامه ساءت سمعته لدى اليهود وأخذ البعض يعتبرونه خائنا."
هل تعرف أين كان يوسف وصديقه يقفان فى الصف؟
من هذه القصة ظهرت على مر العصور المختلفة العديد من المسائل الرياضية الشبيهة بها منها المسألتان التاليتان:
1. يحكى أن سفينة كانت فى عرض البحر للصيد، وكان عليها 30 راكبا نصفهم من الإنجليز والنصف الآخر من الفرنسيين، وأثناء سير السفينة حدث عطل بها من الصعب إصلاحه، ولم يكن أمامهم لمواصلة الرحلة سوى أن يضحى نصف الركاب بإلقاء أنفسهم فى البحر لإنقاذ حياة الآخرين، وخوفا من حدوث ثورة أو شغب على السفينة، إقترح قائدها الإنجليزى بأن يقف الركاب كلهم فى دائرة ثم يقوموا بالعد من الواحد إلى التسعة، وكل من يأتى عليه الرقم تسعة يلقى نفسه فى الماء فورا، ثم يواصل الآخرون العد هكذا إلى أن يتبقى فى النهاية 15 راكبا على ظهر السفينة. ولاحظ الباقون أنه بعد تنفيذ هذا الإقتراح أن المتبقين كلهم من الإنجليز. فكيف رتب قائد السفينة الركاب حتى يتخلص من الفرنسيين كلهم؟
2. إذا كانت نفس ظروف السفينة السابقة بحيث كان عدد ركابها 16 راكبا نصفهم من من الإنجليز والنصف الآخر من الفرنسيين، فكيف يتخلص قائد السفينة الإنجليزى من الركاب الفرنسيين إذا وضعهم فى دائرة بحيث كل من يأتى عليه الرقم 8 يلقى نفسه فى الماء؟
حل المسائل الثلاث السابقة:
1. كان ترتيب يوسف فى الصف هو الرجل رقم 16 بينما كان صديقه هو الرقم 31 فى الصف، وإذا قام الرجال بالعد من الواحد إلى ثلاثة فلن يصيبهما الدور إطلاقا.
2. إذا رمز للراكب الإنجليزى بالرمز (أ) والراكب الفرنسى بالرمز (ف) فإن الترتيب الذى وضعه القائد الإنجليزى لجميع الركاب كان على النحو التالى:
أ أ أ أ ف ف ف ف ف أ أ ف أ أ أ ف أ ف ف أ أ ف ف ف أ ف ف أ أ ف
فإذا بدأ بالرقم واحد فإن الرقم تسعة يأتى على راكب فرنسى، وهكذا لن يتبقى سوى الركاب الإنجليز فقط.
3. الترتيب الذى وضعه قائد السفينة للتخلص من الفرنسيين هو الترتيب التالى:
أ ف ف أ أ ف أ ف ف أ أ ف أ أ ف ف

الثلاثاء، 27 نوفمبر 2018

مخترع الشطرنج




ذكر القاضى أحمد بن محمد بن أبي بكر بن خلكان (1211-1282) فى كتابه وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان بأن الوزير الهندى صصه بن داهر والذى عاش فى القرن الثالث أوالرابع الميلادى لما وضع الشطرنج، وقام بعرضه على الملك شِهْرام، أعجبه وفرح به كثيرا، وأمر أن يحفظ في المعابد، ورآه أفضل ما علم لأنه آلة للحرب وعز للدين وأساس لكل عدل، وأظهر الشكر والسرور على ما أنعم عليه فى ملكه منه، وقال لصصه: "اقترح على ما تشتهى"، فقال صصه للملك: " مولاى، أريد أن تعطنى حبة قمح فى البيت الأول، والثانى حبتان، والثالث ثلاثة حبات قمح، وهكذا إلى آخر البيوت، فمهما بلغ تعطينى". فقال له الملك :" لقد ظننت بك فيما إستنبطت كمالا فى العقل، لكنك بطلبك هذا فقد أفسدت ظنى فيك، وكنت قد أضمرت لك شيئا أكبر"، فقال صصه: " ما أريد إلا هذا"، فأجابه إلى مطلبه، وقال لأصحاب الديوان أعطوه ما طلب، فقالوا للملك:" ما عندنا قمح يفى بهذا، فاستنكر الملك قولهم، فقالوا له: لو جمع كل قمح الدنيا ما بلغ مطلبه"، فطلب منهم إقامة البرهان على ذلك، فقعدوا وحسبوه، فظهر للملك صدق كلامهم، فقال لصصه: " أنت فى إقتراحك ما أقترحت أعجب حالا من وضعك الشطرنج".
وجاءت الإجابة بأن صصه يحتاج 615 955 398  497 497 184 حبة قمح، لكن مع ظهور الحاسبات أمكن تصحيح الإجابة السابقة بإضافة صفرين مع تعديل بعض الأرقام، والإجابة الصحيحة أنه يحتاج 616 551 709 073 744 446 18 حبة قمح، أى 642 – 1.
فلو إعتبرنا أن 50 حبة قمح تزن جراما واحدا، فإن 50.000 حبة تزن كيلوجراما واحدا، وبالتالى فإن الكمية التى يحتاجها صصه مكافأة له تعادل 370 مليار طن من القمح، والذى يعادل  الإنتاج العالمى من القمح لمدة 2.650 عاما.
وإذا أردنا أن نضع هذه الكمية من القمح فى صومعة لتخزينها، على أساس أن المتر المكعب من القمح به حوالى 15 مليون حبة قمح، فإن الكمية التى طلبها صصه بن داهر حوالى 000 000 000 000 12 مترا مكعبا، أى 12.000 كيلومترا مكعبا، فإذا كان عرض الصومعة عشرة أمتار، فإن الصومعة التى تسع هذه الكمية سيكون إرتفاعها 000 000 300 كيلومتر.
وإذا إفترضنا أن صصه بن داهر يريد أن يعد حبوب القمح ليتأكد من صحة الرقم المطلوب، فعليه القيام بالعد ليل نهار دون أخذ أى قسط من الراحة أو النوم، فإذا كانت حبة القمح الواحدة تستغرق ثانية واحدة لعدها، فإنه سوف يقوم فى اليوم الأول بعد 86.400 حبة قمح، ونجد أنه يحتاج أحد عشر يوما لعد مليون حبة، ولكى يعد الكمية كلها فإنه يحتاج إلى 6X1210 عاما.
فى عام 1920 وضع عالم الرياضيات أ. باكو A.Paquet شطرنجا آخر حيث وضع فى البيت الأول حبتان من القمح، وفى البيت الثانى وضع مربع ما تم وضعه فى البيت الأول أى 22 وهكذا فى كل بيت، فكانت كمية القمح الموجودة فقط فى البيت الأخير تعادل:
( 22)63 = 9.223.372.036.854.775.8082
وفى عام 1950 قام عالم الرياضيات البولندى هوجو شتينهاوس  Hugo Steinhausبوضع حساب آخر لشطرنج صصه بن داهر، حيث إفترض أن يضع فى البيت الأول 642  حبة قمح، وفى البيت الثانى ضعف ما وضعه فى البيت الأول أي 652، وهكذا فى بيوت الشطرنج الأخرى، فنجد البيت الأخير من الشطرنج به 1272 حبة قمح، وهذه تساوى:
728 105 884 715 303 687 731 231 469 460 183 141 170 حبة قمح
وإذا أخذنا حبة قمح واحدة من هذه الكمية فتصبح  1272 -1 والذى يدل على عدد مشهور بين الرياضيين حيث أنه عدد أولى إكتشفه عالم الرياضيات الفرنسى إدوارد لوكا Édouard Lucas (1842-1891) عام 1876، والذى ظل لمدة 75 أكبر عدد أولى معروف، كما أنه أكبر عدد أولى تم إثباته يدويا، وأستغرق لوكا 19 عاما لمعرفته.
أما مجموع كميات القمح الموجودة فى بيوت شطرنج شتينهاوس فيبلغ:
455 211 768 431 607 374 363 463 938 920 366 282 340 حبة قمح.