عثر على هذه المسألة فى أحد المكتبات الخاصة بإنجلترا وكانت مكتوبة بخط اليد
باللغة الاتينية، وترجع إلى عدة قرون سابقة، تقول المسألة:
عاد قائد الجيش تيرنتيوس Terentius إلى الوطن بعد أن خاض عدة معارك عنيفة تمكن فيها من تحقيق
إنتصارات ساحقة والحصول على مغانم جديدة للإمبراطورية الرومانية. وما أن وصل
القائد إلى روما كان عليه مقابلة القيصر، والذى رحب به شاكرا له مجهوداته الفائقة
التى أدت إلى زيادة رقعهة الإمبراطورية، وأعلن القيصر بتعيينه فى مجلس الشيوخ
مكافأة له، إلا أن تيرنتيوس لم يكن راغبا فى ذلك، فقال للقيصر:
" لقد خضت العديد من المعارك وإنتصرت فيها، والتى أدت إلى تقوية
الإمبراطورية وزيادة مساحتها، وإلى رفع اسم سموكم عاليا فى كل مكان، إننى لم أهب
الموت ولو كانت لى أكثر من حياة لضحيت بها، إننى أصبحت متعبا من كثرة خوض المعارك،
لقد ولى الشباب منى وأصبح الدم يجرى فى عروقى ببطء، لقد أتى الوقت الذى يجب أن
أستريح فيه فى بيت أجدادى محاولا بث الحياة فى نفسى".
فقال له القيصر:" ما الذى تريده منى يا تيرنتيوس؟
رد عليه قائلا :" سيدى إننى خلال سنوات الحروب الطويلة والتى لم يفارق
فيها سيفى من يدى لم أضع فى حسابى أن أؤمن مستقبلى ماديا، سيدى ... إننى الآن فقير
فإن أردتم مساعدتى أرجو أن تتركونى أعيش بقية حياتى هادئا، إننى لا أطمع فى مناصب
عالية، وإنما أريد أن أعيش فى أمان وراحة، سيدى ... أرجوك مساعدتى بإعطائى مكافأة
مالية أؤمن بها حياتى الباقية؟.
كان القيصر يملك مالا وفيرا لكنه كان بخيلا، لا يحب أن يوزع منه شيئا على
الآخرين، لكن رجاء القائد جعله يفكر بعض الشئ، ثم قال له:
" ما هو المبلغ الذى ترونه مناسبا وكافيا لك يا تيرنتيوس؟
" سيدى يكفينى مليون دينار".
صدم القيصر بحجم المبلغ، فأخذ يفكر ثم قال له:
" لقد كنت بطلا شجاعا ويجب مكافأتك على أعمالك العديدة التى أدت إلى
توسيع الإمبراطورية، وسوف أجعلك غنيا، لذلك أرجوك الحضور غدا على الغذاء لأخبرك
برأيى الأخير".
فى اليوم التالى وفى الميعاد المحدد حضر قائد الجيش إلى القصر وقال للقيصر:
" سيدى ... لقد حضرت لأسمع رأيكم بعد أن وعدتنى بإعطائى مكافأة".
قال القيصر: " إننى أرى أنه لا يمكن مكافأة بطل شجعا مثلك على ما قدمته
للإمبراطورية من خدمات بمكافأة ضئيلة، إن فى خزانة الإمبراطورية عشرة ملايين من
الأسات النحاسية ( الدينار = 10 أس) وأرجو منك أن تنتبه لما أقوله لك، إذهب إلى
بيت الخزانة وخذ أسا فى يدك وأحضر إلى هنا وضع الأس فى هذه الخزينة، وفى اليوم
التالى إذهب ثانية وخذ 2 أس وأحضره لتضعه بجانب الأس الأول، وفى اليوم الثالث خذ 4
أس وضعه معهم، وهكذا فى كل يوم تأخذ ضعف ما أخذته فى اليوم السابق، ولقد أصدرت
الأمر لبيت الخزانة بأن يجهزوا النقود المطلوبة كل يوم، ويمكن لك أن تأخذ كل ما
تقدر على حمله من نقود بشرط ألا يساعدك أحد، وعندما تشعر بأنك لن تستطيع حمل
النقود فعليك بالتوقف، ويكون الإتفاق بيننا أن النقود التى أخذتها من بيت الخزانة
تكون لك، وتكون هى مكافأتك".
هنا فكر تيرنتيوس قليلا وأخذ يحلم فى إمكانية جمع ثروة ضخمة تفوق ما طلبه من
القيصر، فقام بشكره وانصرف إلى بيت الخزانة الذى لا يبعد كثيرا عن القصر ليقوم
بأخذ النقود النحاسية.
فى أول يوم أخذ أسا واحدا، وهى عملة صغيرة قطرها 21 مليمتر، ووزنها خمسة
جرامات، وكانت النقود خفيفة فى اليوم الثانى والثالث والرابع والخامس والسادس، حيث
أخذ الضعف ثم أربعة أمثال، ثم ثمانية أمثال، ثم 16 مثلا، ثم 32 مثلا.
|
عملة الآس الرومانية |
فى اليوم السابع كان وزن النقود 320 جراما، وعرضها 8.5 سنتيمتر، أو بالضبط 84
مليمتر. وفى اليوم الثامن حصل تيرنتيوس على 128 آسا تزن 640 جراما، وعرضها 10.5
سنتيمتر، وفى اليوم التاسع أحضر إلى القصر 256 آسا تزن 1.25 كيلوجراما، وعرضها 13 سنتيمتر.
وفى اليوم الثانى عشر أحضر تيرنتيوس 2048، ووصل عرض النقود 27 سنتيمتر وبلغ
وزنها 10.25 كيلوجراما، وأصبح مجموع ما قام بإحضاره من بيت الخزانة حتى هذا اليوم
4.095 آسا.
فى اليوم الثالث عشر أحضر تيرنتيوس 4.096 آسا، وكان عرضها 34 سنتيمتر، ووزنها
20.5 كيلوجراما، وفى اليوم التالى حمل نقودا وزنها 41 كيلوجراما، عرضها 42 سنتيمتر،
فسأله القيصر:
" ألم تتعب أيها البطل الشجاع؟."
فرد عليه بالنفى وهو يمسح العرق من على جبينه.
فى اليوم التالى أخذ تيرنتيوس يترنح فى الطريق وهو يحمل على ظهره النقود التى
كان عددها 32.768 آسا، وبلغ وزنها 164 كيلوجراما، وعرضها 67 سنتيمتر.
وعندما وصل تيرنتيوس فى اليوم التالى وهو السابع عشر إلى القصر وشاهده القيصر
أخذ الكل يضحك بشدة، حيث لم يعد فى إستطاعة البطل حمل النقود على ظهره، فهداه
تفكيره إلى وضعها فى برميل ويدفعه على الأرض، مما أثار إستغراب الجميع، وقد حوى
البرميل فى هذه المرة على 65.536 آسا، كان وزنها 328 كيلوجراما، وعرضها 84 سنتيمتر.
كان اليوم الثامن عشر هو اليوم الأخير الذى يذهب فيه إلى بيت الخزانة، حيث
أخذ 131.072 آسا، بلغ وزنها 655 كيلوجراما، وزاد عرضها على المتر، وقام بدفع
البرميل بكل قواه، ولما وصل إلى القصر قال للقيصر:
" إن هذا يكفى، فلم أعد قادرا على إحضار النقود."
هنا إبتسم القثصر البخيل على حسن فكرته، وأمر حارس بيت الخزانة بأن يحسب
مقدار المكافأة التى حصل عليها تيرنتيوس، وكم كانت نسبتها إلى المليون دينار التى
طلبها فى البداية.
وبلغ مجموع ما حصل عليه تيرنتيوس 262.143 آسا، ولأن الدينار يعادل 10 آسات،
فقد حصل تيرنتيوس على مكافأة أقل 38 مرة مما طلبه.